على طول الطريق المؤدي إلى صيدا انتشرت آليات الجيش اللبناني، بالتوازي مع صور المرشّحين للانتخابات البلدية والاختياريّة. بينما ازداد الازدحام حول مراكز الاقتراع في المدينة مع الخيم التي نصبت حولها للماكينات الانتخابيّة، في ظلّ انتشار أمني كثيف.
على الجانب الآخر، كان المندوبون يُحاولون «الاستفراد» بالناخبين، ولو في سياراتهم من أجل توزيع اللوائح قبيل دخولهم إلى مراكز الاقتراع. وسُجّل قيام العديد من المقترعين بالتشطيب أو بإعداد لوائحهم بأنفسهم، بعدما طغت العصبيات العائلية لدى بعض العائلات التي توزع مرشحوها على أكثر من لائحة.
ودارت المعركة المحتدمة في المدينة بين لائحة «نبض البلد» برئاسة محمد الدندشلي المدعومة من التنظيم الشعبي الناصري ولائحة «سوا لصيدا» برئاسة مصطفى حجازي، المدعوم من بيئة تيار المستقبل، ولائحة «صيدا بدها ونحن قدها» برئاسة عمر مرجان المدعوم من النائب عبد الرحمن البزري.
في المقابل، كانت لائحة «صيدا تستاهل» مدعومةً من «الجماعة الإسلامية» أقل حضوراً. وتردّدت المعلومات عن توزيع ماكينة «الجماعة» لأسماء مرشحيها الـ16 على اللائحة مع إضافة أسماء بعض المرشحين المقربين منها على اللوائح الأُخرى. وكان مرشحو «الجماعة» نواة اللوائح التي أعدّتها العديد من الجمعيات الإسلامية في المدينة، ولجان المساجد.
أمّا لائحة «صيدا تستحق» برئاسة مازن البزري والمؤلفة من 7 مرشحين فقط، فبالكاد «ظهر» مندوبوها على الأرض.
وتُرجّح معطيات عدد من الماكينات بناءً على عمليات الفرز الأولية، تقاسم المجلس البلدي بـ«المثالثة» بين لائحة دندشلي ولائحة حجازي، وبحصة أقل لصالح مرجان.
إشارات حريريّة
وبينما كانت التدخلات السياسية من تحت الطاولة قبل أيام، صارت المنازلة «على المكشوف» بعد فتح صناديق الاقتراع؛ وأول هؤلاء كان النائب البزري الذي حاول على مدى الأيّام الماضية الإشارة إلى عدم تدخله ونفيه لدعمه لائحة مرجان، قبل أن يُعلنها أثناء اقتراعه.
وإذا كان البعض يؤكد أنّ «المستقبليين» أداروا ماكيناتهم الانتخابية لصالح لائحة حجازي بينما تقوم النائبة السابقة بهية الحريري ونجلها الأمين العام لـ«المستقبل» باتصالات مباشرة مع بعض المفاتيح، فإنّ الإشارات التي لمّح إليها أحمد الحريري ولا سيما عند قوله إنه انتخب عن روح (جدته) الحاجة هند حجازي، فُهمت أنّها تصب لمصلحة لائحة «سوا لصيدا».
وعلى المقلب الآخر، كان النائب أسامة سعد يعمل لمصلحة لائحة «نبض البلد» بعدما جاهر بدعمها. وكانت ماكينته الانتخابيّة حاضرة على الأرض بقوّة لتجيير الأصوات لصالح الدندشلي.
وكان لافتاً «الانقلاب» الذي حصل في نسبة الاقتراع التي تضاعفت بأقل من 4 ساعات إلى 46% (نحو 82 ألف مقترع)، من دون أن تصل إلى النسبة التي وصلتها في العام 2016، حينما سجّلت 53%. ويشي هذا الإقبال على صناديق الاقتراع في الساعات الأخيرة إلى «تشغيل البلوكات الحزبية»، بعدما تردّد أنّ معظمها كان بإدارة «مجدليون».
إقبال مسيحي وشيعي
في المقابل، ارتفعت نسبة الاقتراع في مراكز الاقتراع المسيحيّة، وهو ما بدا في الإقبال داخل مركزي القناية ومار نقولا اللذين يُعدّان مراكز ثقل الناخبين المسيحيين في صيدا، وتعدّت النسبة في القلمين الـ25%. وربط البعض بين هذا الارتفاع وبين ما وعدت به نائبة حزب القوات اللبنانيّة بتحشيد مسيحي وتأمين نقل الناخبين إلى المدينة لأن معظم يقطن خارجها، لمصلحة حجازي الذي رشّح اثنين من المقربين من «معراب» على لائحته. علماً أنّ ماكينة «القوات» تعمّدت عدم إبراز حضورها في صيدا وحول مراكز الاقتراع خشية إلحاق الضرر بلائحة «سوا لصيدا».
كما حشد «التيار الوطني الحر» المقترعين المحسوبين عليه لصالح لائحة مرجان.
أمّا نسبة الاقتراع لدى الناخبين الشيعة فبدت مرتفعة خلال اليوم الانتخابي، بينما تردّد أنّ حزب الله وحركة أمل لم يلتزموا بلائحة كاملة، بل شكّلوا لائحتهم بأنفسهم بعدما اختاروا مرشحين من اللوائح الأربعة ووزعوها على مناصريهم. يُذكر أنّ عدد الناخبين الشيعة في الميدنة يتعدّى الـ9 آلاف، يُشارك عادةً أقل من نصفهم في الانتخابات البلديّة.